Home»International»حديث الجمعة : (( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ))

حديث الجمعة : (( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ))

0
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ))

محمد شركي

من المعلوم أن الله عز وجل لما شرع للخلق دين الإسلام من أجل أن تستقيم حياتهم الدنيا استقامة يحوزون بها نعيم الأخرة ، قد هيأ لهذا الدين أسباب الظهور على الدين كله ، ومكّن له في الأرض عبر توالي العصور ، وسيبقى  على هذه الحال إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها . ولا يظنّن أحد أن ما مر به المسلمون  أو يمرون به  في بعض الحقب التاريخية من ضعف ، يمكن أن ينقض سنة الله جل وعلا في إظهار دينه أو يعطلها .

ولمّا ختم الله تعالى رسالاته المتتالية عبر تاريخ البشرية  ، وكلها دعت إلى دين الإسلام بالرسالة الخاتمة، أخبر فيها الخلق إلى قيام الساعة  بإنجاز وعده الذي لا يتخلف ، وهو إظهار دينه ، ونصرة من يتولون هذا الإظهار مصداقا لقوله عز من قائل : (( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون )) .

ولقد جاء في الرسالة الخاتمة الموجهة إلى العالمين إلى يوم الدين ما يؤكد وعد الله تعالى بإظهار دينه في ظرف قد يبدو فيه  لكثير من الناس تعذر هذا الإظهار باعتبار قلة عدد أو عدة من يوكل إليهم ذلك ، وهم يواجهون أعداءه بكثرة عدد وعدة ، وهم عازمون على استئصاله، وطمس معالمه، بل قد يُظن بهم الغرور والتهور كما جاء في قوله تعالى : (( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )) ، ففي هذه الآية التي نزلت في غزوة بدرالكبرى تأكيد لوعد الله الناجز بإظهار دينه ، وبنصرة من ينصره . ولقد كشفت ما كان يظنه المنافقون بالمسلمين من غرور ، وقد نهضوا بمهمة  نصرة وإظهار دين الله عز وجل  في تلك الغزوة الحاسمة ،التي أحق بها الله تعالى الحق وأبطل الباطل،  وكان عددهم  يومئذ قليلا، وهم يواجهون عددا كثيرا من المشركين بعدتهم أقل من عدة عدوهم . ولقد جاء في كتب التفسير أن هذا الظن بالمؤمنين قد تقاسمه المنافقون الذين كانوا يضمرون الكفر والشرك ، ويظهرون الإيمان لمخادعة المؤمنين ، مع قوم آخرين وصفهم الله تعالى بمرضى القلوب ، وهم الذين لم يرسخ الإيمان في قلوبهم ، وهي حالة مرضية سببها التردد  بين الإيمان والشرك والكفر، وقد شبهت بالمرض لما يترتب عن المرض من سوء عاقبة . ومعلوم أن الغرور هو أن تحدث النفس صاحبها بالقدرة على تحقيق ما لا يستطيع تحقيقه باعتبار ما لديه من قدرات محدودة . ولقد نسب المنافقون ومرضى القلوب مصدر هذا الغرور الذي ركب المؤمنين في غزوة بدر إلى  دين الإسلام ، وهم يقصدون ما جاء في كتاب الله تعالى من وعد لهم بالنصر والتمكين .

 ولقد جاء الرد الإلهي على ما ظن هؤلاء بالمؤمنين بقوله جل وعلا : (( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )) ، وفي هذا تأكيد بنصر المؤمنين على ما كانوا عليه من قلة وذلة مصداقا لقوله تعالى : (( ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة )) ، ولقد جعل الله تعالى التوكل عليه مع استنفاذ الوسع في اتخاذ الأسباب الواجبة  سببا في حصول نصره، علما بأن التوكل عليه، هو توكل على عزيز لا مثيل له في البأس والشدة ، ويتعذرالوصول إليه ،كما أنه تشتد حاجة المحتاج إليه ، لهذا  لا يضام المتوكل عليه . وهو إلى جانب عزته سبحانه وتعالى حكيم شامل العلم والمعرفة والاطلاع بما خلق ،وبمن خلق ، وهو سديد الحكم والتدبير . ولقد كان ما ظنه المنافقون والذين في قلوبهم مرض بالمؤمنين من غرور راجعا في نظرهم  إلى دينهم دين الإسلام ، وهو الدين عند الله عز وجل ، وهذا انكار منهم للتوكل عليه ، واللجوء إلى عزته التي لا تضام ، ومن لجأ إلى العزيز عزّ، وبزّ .

ومعلوم أن الله عز وجل لم  يجعل ما وعد به في هذه الآية الكريمة  قاصرا على من حضروا غزوة بدر من المؤمنين، بل جعله شاملا لكل المؤمنين متى نهضوا لنصرة دينه وإظهاره ، لأن العبرة بعموم لفظ كلامه جل وعلا ، لا بسبب نزوله ،لأنها ترتب أحكام على الأسباب الواردة فيه ، وتكون سارية المفعول إلى قيام الساعة ، لا تعطيل ولا إلغاء لها ، لهذا كلما توكل المؤمنون على ربهم  حق التوكل مع أخذهم بما استطاعوا من أسباب مع بذل الوسع في ذلك ، جاءهم النصر يقينا  من عنده ، وهو نصر لدينه ، وإظهار له على الدين كله .

مناسبة حديث هذه الجمعة هو تكرار في هذا الزمان أيضا  ما جاء على لسان المنافقين والذين في قلوبهم مرض من وصف المؤمنين  وهم قلة وذلة يوم بدر بالغرور حين واجهوا أعداد المشركين الكثيرة ،والذين كانوا يريدون استئصال الإسلام ، وإطفاء نور الله عز وجل ، حيث قال الكثيرون  اليوم من المحسوبين على الإسلام عن المجاهدين المرابطين في أرض الإسراء والمعراج أنهم مغرورون ومتهورون ، وهم يواجهون العدو الصهيوني الكثير العدد والعدة  بقلة عددهم وقلة عتادهم  مع جهلهم بما أخذوا به من أسباب وما استفرغوه  في ذلك من جهد في ذلك، قد أكده الواقع  . ومن الناس من صرح بغرورهم وتهورهم كتصريح المنافقين يوم بدر ، ومنهم من أصروه في نفوسهم المريضة دون أن يستوعبوا جيدا  دلالة قول الله تعالى : (( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم ))  وكأنهم  بذلك يشككون في جدوى اللجوء إلى عزته سبحانه وتعالى التي لا تضام .  وربما ظنوا جهلا منهم  أن ما طرأ على العدة من تطور وتعقيد في هذا الزمان من شأنه أن يعطل نصر الله تعالى لمن يجاهدون في سبيله ، ويجعل ذلك مستحيلا مع أنه لا مستحيل أمام قدرة الله تعالى القاهر فوق عباده .

ولهذا ننصح  ونحذرالمؤمنين من نفاق أو مرض قد يصيب قلوبهم بسبب ضعف إيمانهم حين يصفون المجاهدين في أرض فلسطين بالتهور والغرور، وهم يواجهون عدوهم من أجل فك أسر المسجد الأقصى وما بارك حوله من أرض مقدسة، علما بأنه واجب على كل موحد أن يعمل على فك أسره .

 وعلى كل منتسب إلى الإيمان يجد في نفسه شيئا مما قاله المنافقون ومرضى القلوب في المؤمنين البدريين يصف به الغزيين أن يجدد توبته ، ويستغفر ربه من آفة النفاق ، ويدعو الله تعالى للمجاهدين بالنصر والتمكين، لأن في انتصارهم انتصار لدين الله تعالى، وتمكين وإظهار له على الدين كله، ولو كره المشركون ، فتلك سنة الله عز وجل القائل : (( سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ، و للتذكير فإن هذه الآية قد وردت في سياق الحديث عن المنافقين .

اللهم إنا نوقن أنك ناصر دينك وعبادك المؤمنون المجاهدون في سبيل نصرة دينك ، لا يخامر يقيننا أدنى شك. اللهم إنا نبرأ إليك ممن يظنون الظن السيء  بالمجاهدين  في أرض الإسراء والمعراج ، أويقولون فيهم ما لا يرضيك من سوء القالة . اللهم لا تؤاخذنا بما يظنون و ما يقولون .

اللهم انصر جندك في أرض الإسراء والمعراج بجندك المنزل من عند من السماء ، وثبت أقدامهم ، وسدد رميهم ، واحفظهم من بين أيديهم ، ومن خلفهم ، وعن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، ومن فوقهم ، ومن تحت أرجلهم ، ولا تجعل اللهم لأعداء دينك عليهم سبيلا ، وأرنا في هؤلاء عجائب قوتك . اللهم اخذل من خذل المجاهدين ، واجعلهم عبرة للمعتبرين .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم ، وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *