Home»International»التماسيح والعفاريت وجيوب المقاومة

التماسيح والعفاريت وجيوب المقاومة

0
Shares
PinterestGoogle+

كان عمر حكومة عبد الله إبراهيم بعد
الاستقلال كعمر وردة ، خلفت من الأريج
أكثر من الإنجازات و القرارات ، و بعدها
توالت الحكومات لكنها كانت كالنسخ على
أصل واحد تتشابه ولا تتمايز …و في سنة
1992 تراءت في سماء البلاد تباشير تجربة
جديدة  لم تكتمل عدتها إلا في سنة 1998 مع
ما يسمى بحكومة « التناوب التوافقي »
قادها زعيم الاشتراكيين الأستاذ عبد
الرحمان اليوسفي بفريق فسيفسائي محبوك
من خليط غير متجانس فكريا و ثقافيا لكنه
ملفوف كباقة ورد خادعة ،وبعد مدة من
التدبير الحكومي ، و حين لم يتمكن
الوزير الأول من الاجتماع بالعمال و
الولاة إلا بمشقة الأنفس ، و حين التقى
بهم كان حوار الصم و البكم …وصل الرجل
بعد مد و جزر إلى الاقتناع التام بوجود  »
جيوب المقاومة « …
و يبدو في حكومة  » الربيع العربي  » على
الطريقة  المغربية  أن  الحافر يوضع على
الحافر ،و أن بن كيران  يقتفي  أثر
اليوسفي ، وعلى الأخص في أمر العصي التي
تنتصب في العجلة الحكومية ، لكن بن
كيران بحكم المرجعية سيصفها ب  »
العفاريت و التماسيح  » و هذه التسمية
أسالت حبرا كاد أن  يكون بحرا…بل وصلت
إلى حد أن  ناشطا  حقوقيا رفع  دعوى
قضائية  لفك  طلاسيم  » العفاريت و
التماسيح  »
لكن السؤال الذي يفرض نفسه ما هي
الأسباب الحقيقية التي أرغمت الرجلين
على التعبير بهذه الطريقة الملتوية
،أهو نقص في الشجاعة أم الخوف من  » تفجير
الرمانة  » أم  هيام  بلغة عبد الله بن
المقفع …؟
كل الناس يعرفون أن المغرب يختلف على
جميع الدول العربية ، بتاريخه ، ثقافته
، طبيعة سكانه التي تميل إلى رفض
دكتاتورية فئة أو مجموعة باسم العرق أو
الدين أو الإيديولوجية أو أي شيء آخر،
فالمغرب منذ القديم كان يحكم بالتوافق
الذي يوفر قدرا هاما من الحرية و
الاختلاف ، لذلك  ظلت  الدساتير و نتائج
الانتخابات تعكس هذا الواقع ، فاليوسفي
كان وزيرا أول بأقل من 70 مقعدا و عبد
الإله بن كيران هو اليوم رئيس للحكومة ب
107 برلمانيا ، و هو ما يعني أن لا أحد
يحكم هذه البلاد وحده ، و مادام الأمر
كذلك فجيوب المقاومة و العفاريت و
التماسيح  هم بشكل من الأشكال  الحلفاء
الذين بفضلهم صار اليوسفي وزيرا أول و
بن كيران رئيس حكومة ، و في هذا الإطار
لا يجب أن ننسى أن اليسار كان ينعتهم قبل
حكومة « التناوب التوافقي  » أي لما كان
بالمعارضة  بأحزاب الإدارة ،و
الإسلاميين كانوا يطلقون عليهم رموز
الفساد و العلمانيين و غير ذلك …فكيف
تريد ممن كنت بالأمس تقرعه ،تعيره ،
تشتمه أن يكون « رديفا  » يأتمر بأوامرك و
يطيعك و يمهد لك الطريق لتسن قوانين و
تشرع قرارات تصيبه في مقتله ، بل السؤال
لماذا الحكم مع  من يعد خصما سياسيا…إن
حكوماتنا تبدو في عهد  » التناوب
التوافقي   » و  » الربيع العربي  »   » كجماعة
اللئام في مأدبة الأيتام  » … أهو الغباء
أم التعامي عن حقيقة تبدو فاقعة ، أم أن
المشكلة تكمن في أن  من يحكم
بالإيديولوجيا  يصاب بوهم   الاعتقاد
أنه يملك الحقيقة ، و أنه وحده على صواب
أما الآخرون حتى و إن كانوا حلفاء  ، لا
سبيل  للحكم بدونهم ، هم مجرد « كومبارس « .
و هكذا يتضح أن للنخبة السياسية في
بلادنا نمط فريد من التفكير ،يتلخص في
بناء  تحالف مغشوش  – ولا يمكن أن يكون
إلا كذلك  -من أهم مقوماته  إني أحتاجك
لكني أفضل  أن  أتفاهم مع غيرك  أما أنت  ف
« جزر و قرع و يقطين و فول فوق الطعام « ، و
هذا الفهم لا يعدو أن يكون اجتهادا
خاطئا و تأويلا تعسفيا للواقع…لذلك و
في خضم أعطاب الطريق المنتظرة و غير
المنتظرة جاءت  » العفاريت و التماسيح  « و
 » جيوب المقاومة  » كفلتات لسان مشحونة
بالنفسي أكثر من السياسي .
و يبقى الملفت أن القيامة قامت على بن
كيران في حين  » أعفي  » اليوسفي من تبعات
عبارته ، لأن الرجل – ربما – كان يعرف أن
دستور 1996 يكبل بالواضح أكثر مما يحرر
لذا ظل يمارس شيئا قليلا  من التشاور و
يقبل بتكريم وزير الداخلية آنذاك
كإشارة سياسية ،  في حين أن دستور 2011
يبيح بالمرموز الدخول في منافذ لكنها
مملوءة بالألغام ،لذلك كانت العفاريت و
التماسيح مفزعة و ناسفة ، و مع ذلك رأينا
الأستاذ بن كيران يصر على العناد و
التجاهل و يتحدى شباط حتى و هو يلوح
بالنزول من سفينة الحكومة في وقت يشح
فيه من يرغب في السفر على مركب مهدد
بالأمواج العاتية

إن الحكم في المغرب محكوم في ظل
القوانين الجاري بها العمل اليوم
بالتوافق ليس مع الحلفاء فقط  بل مع
المعارضة أيضا  ، لذا فإن أليق حكومة
لهذه البلاد هي حكومة وحدة وطنية لأنها
تحفظ للأغلبية قبل المعارضة ماء الوجه ،
و تخفف عليها سؤال يوم الحساب ، و في
الحقيقة -و هي حقيقة مرة – أن كل الحكومات
في تاريخ المغرب  باستثناء حكومة عبد
الله إبراهيم كانت حكومات إئتلاف وطني
بما فيها حكومتا  » التناوب التوافقي  » و »
الربيع العربي  » و حين تململت لتنزاح عن
الخط المرسوم  شرع  الباب لتطل جيوب
المقاومة و رفع الغطاء  لتكشر التماسيح
و العفاريت عن أنيابها

    مختار العيرج مدير موقع زلموزيز

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. زلمو زيز
    29/06/2013 at 17:00

    مزيد من الأخبار الحصرية زورونا على : http://www.zelmouziz.com

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *