Home»Régional»تباكي الغرب على الديمقراطية الصورية في دول العام الثالث

تباكي الغرب على الديمقراطية الصورية في دول العام الثالث

0
Shares
PinterestGoogle+

أمس الأول ثار العسكر في موريتانيا ، وأعلنوا انقلابا على نظام حكم كانوا قد صنعوه من قبل بواسطة ما يسمى اللعبة الديمقراطية المستغلة لعاطفة الشعب والعابثة بها. ولما خاب أمل العسكر في نظام مهدوا له ليكون أداتهم الطيعة كما هو الحال في العديد من دول العالم الثالث وحتى العالم الأول انقلبوا عليه كانقلاب السحر على صاحبه.

والغريب أن تبادر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الغرب ومن تبعها بسوء في دول العالم الثالث إلى استنكار الانقلاب على ما تسميه ديمقراطية بوصفتها الخاصة. ووجه الغرابة في هذا الموقف أن معظم دول هذه الدنيا البائسة تقع تحت رحمة حكم العسكر المستبد ، ومع ذلك لا يذرف الغرب ولو دموع التماسيح عليها ، لأنه يربط الديمقراطية بمصالحه الإستراتيجية لا بمصالح الشعوب.

فكم من رئيس دولة ـ وما أكثرهم في وطننا العربي ـ جاء إلى السلطة عن طريق الانقلاب العسكري ولكنه بقدرة قادر صار رئيسا منتحبا " ديمقراطيا " ولفترة تمتد إلى ساعة رحيله عن هذه الدنيا ، ليستمر الحكم وراثيا في عقبه إلى قيام الساعة ، ومع ذلك لم يدن الغرب انقلابه ولا خلوده في السلطة لأن الغرب لا يعنيه من ديمقراطية البلاد التي يحكمها العسكر سوى المسرحية الهزلية التي يلعبها العسكر من خلال عمليات تصويت كل ما فيها الصناديق والأوراق ولا شيء بعد ذلك.

ففي وطننا العربي نماذج الحكم العسكري الغريبة ، فمن البلدان العربية من سلمت زمام أمورها لزعماء التحرير الذين خاضوا حروبا من أجل استقلالها ، ولكن سرعان ما صيرتهم الانقلابات العسكرية خونة بعد الزعامة وزج بهم في السجون. ومن البلدان العربية من حكمها زعيم التحرير حتى بلغ من الكبر عتيا ولم يعد يعلم بعد علم شيئا فجاءه الانقلاب بغتة و طوى صفحته . ومن البلدان العربية من ورثت حكم الملوك والسلاطين وجاءتها الانقلابات العسكرية بحكام مستبدين فاق استبدادهم استبداد الملوك والسلاطين .

وصارت الانقلابات في بعض البلدان عبارة عن تجارة يمارسها المرتزقة من عسكر دول الغرب الذي يصنع الانقلابات لمن يدفع أكثر شريطة وضع مصالح الغرب فوق كل اعتبار. والغريب في أمر عسكر الانقلابات استحداث ما لم يكن معهودا في ما يسمى ديمقراطية حيث يبتدع هؤلاء قوانين تسمح لهم بالترشح للحكم أكثر من مرة لتصير بعد ذلك مدى الحياة ، ثم تعود في النهاية إلى وراثة كما هو حال الوراثة عند الملوك والسلاطين.

و يعمد العسكر الانقلابي إلى مسرحيات الديمقراطية الصورية ، وهي عبارة عن ذر الرماد في عيون الشعوب بإيعاز من الغرب الوصي الحريص على مصالحه قبل كل شيء. والمضحك أن يسارع الغرب البرغماتي إلى إدانة الانقلابات العسكرية ، والحقيقة أنه هو صانعها إذ لا يفكر العسكر في دول العالم الثالث في انقلاب إلا بعد الحصول على الإذن من الغرب الوصي وإلا هب الغرب لإحباط الانقلاب بسرعة قياسية كما حصل في عدة جهات. ونجاح الانقلابات عبارة عن مؤشر على الصفقة بين العسكر والغرب ، وهذا هو المضحك في موقف الغرب المتباكي على الديمقراطيات الصورية التي يصنعها وفق مقاسه ، و يطيح بها عندما يخيب أمله في خدمة مصالحه الإستراتيجية.

وتبقى الشعوب المسكينة عرضة لعبث الغرب الساخر منها ، والمسلط على رقابها سماسرته العسكريين الذين يوقعون معه الصفقات المسبقة لرعاية مصالحه مقابل الحصول على تزكيته يستمدون منها مشروعيتهم .
ويلعب الغرب الدور المزدوج في الانقلابات في البلاد الضعيفة إذ يصنعها ويدينها ليزكيها بعد ذلك كما يفعل القاتل بدم بارد مع ضحيته حيث يسير في جنازتها بخشوع.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ابو علي
    08/08/2008 at 23:52

    الديمقراطية ليست هية من السماء بل هي ثمرة كفاح ونضال و تضحيات الشعوب الحقيقية . و الولايات المتحدة الامريكية و غيرها من الدول الغربية لا ننتظر منها نحن كشعوب عربية او غيرنامن الشعوب ان تقدم لنا الديمقراطية على طبق من ذهب .لان هذا المنطف مجانب لمنطق التاريخ و الذي ينطبق عليه المثل القائل  » ما حك جلدك مثل ظفرك  » . و حسب الحالة الموريتانية وغيرها فادا كان هناك من يلام في المقام الاول فطبعا ليست الدول الغربية ولا الطغمة العسكرية التي تقف من وراء الانقلابات وانما الشعوب العربية و فعالياتها الحزبية و المدنية و التي لا تريد ان تضحي من اجل الديمقراطية و التي ايضا لا تبالي بالشان السياسي و التي هي في اقصى الحالات لا تعدو ان تكون وجرد ظاهرة صوتية ليس الا. و كون الدول الغربية تتعطى بمنطق منافق مع التجارب الديمقراطية التي تعرفها بعض البلدان العربية فان هكذا تعاطي لا يدفعنا الى التشكيك في فيمة الديمقراطية . لان التشكيك في الديمقراطية معناه السقوط في منطق تبرير الاستبداد. فالديمقراطية هي تربية و ثقافة و سلوك و وعي تاريخي و رؤية للعالم و تقاليد تشمل كل مناحي الحياة و تكرار التجارب الفاشلة و العرجاء لا تثني عن الاستمرار في النضال من اجل تحقيقها و لو جزئيا و تدريجيا. و عليه فان فضية الديمقراطية تظل قضيتنا نحن الشعوب و بامتياز و ليست قضية الاخر.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *