Home»Enseignement»– كاد المدرس أن يكون وحيدا في قفص الإتهام

– كاد المدرس أن يكون وحيدا في قفص الإتهام

0
Shares
PinterestGoogle+

يحز في نفس كل الإنسان أن يقابل عمله بالجحود ونكران الجميل . فحين ينسب بعض
المسؤولين عن الشأن التعليمي ببلادنا فشل المنظومة التربوية إلي المدرس وحده فذلك هو
الجحود عينه و الهروب من المسؤولية . بل إن بعضهم صرح أن البرنامج الإستعجالي لإنقاذ
المدرسة وصل أبوابها ولم يدخل حجراتها .إن الإصلاح الذي يتكلمون عنه هو علي الورق فقط
وليس اصلاحا للمشكلة التعليمية .لأنه ليس نابعا من الواقع الاجتماعي للمجتمع المغربي.فكثير
من الوزراء على حد قول المفكر المغربي المهدي المنجرة في إحدى حواراته يجب أن يحاكموا
نظرا لما أحدثوه من تدمير لمستقبل .أجيال من المواطنين.
فكم هو سهل أن يقتبس شخص نظرية تربوية أو نظاما تعليميا )مثلا بيداغوجيا الأهداف
وبيداغوجيا الكفايات( من بلد ما ، ويحاول تطبيقه علي واقع أخر وبيئة أخرى مختلفة تماما
في اللغة والعادات والدين و الإنسان و السياسة . إن كل فكر هو نتاج واقعه الذي أفرزه
فالإنسان ابن بيئته .
إننا نعلم علم اليقين أن القانون في ميدان الفيزياء أو علم الطبيعة بل حتى في العلوم
الاجتماعية يصرح بدون غموض بالقاعدة العلمية التالية : إن نفس الأسباب تؤدي ألي نفس
النتائج إذا توفرت نفس الشروط.
إذن نجاح نضرية تربوية نابع لشروط و ظروف خاصة ، ترتبط بطبيعة المدرسة و المدرس
والتلميذ والبرنامج و الكتاب المدرسي و العلاقات التعليمية بين المدرس و التلاميذ ، و
العلاقات الاجتماعية بين المدرس و أباء التلاميذ ، و العلاقات الإدارية بين المدرس و المفتش
و المدير……..الخ والقيمة التي تعطيها الدولة و المجتمع للمدرسة و المدرس. هذه أمور
يجب أخذها بالاعتبار عند اقتباس نظرية تربوية أو نظام تعليمي لتطبيقه في بلدنا.
المشكلة أن الإصلاح عندنا لا يكون إلا سطحيا ، ارتجاليا لايخضع للتحضير والتجريب و
التقويم ولا يأخذ العوامل والمعطيات المساهمة في النجاح ، ولا كل الفاعلين في الحقل التربوي
. إن إصلاح التعليم لايمس كل مكوناته ، ولايرتبط بالاصلاح الشامل للمجتمع ومؤسساته.
إن التلميذ المغربي لايختلف عن أي تلميذ في العالم المتقدم أو المتخلف . فنحن لا نرث الغباء
من أمهاتنا ، ولاهم يرثون الذكاء من أمهاتهم . الطفل طفل في كل زمان وفي كل مكان . لكن
المجتمع والعقل الجمعي هو مصدر وسبب الإختلاف بيننا وبينهم .
كان المدرس ولا يزال في قفص الإتهام من طرف الوزير إلى المدير إلى المفتش إلى أباء
التلاميذ إلى التلاميذ أنفسهم . لا أحد يحترمه أو يمنحه التقدير. هذا الشخص الذي كان في
وقت من الأوقات في مرتبة الأنبياء و الرسل. ألم يقل الرسول الكريم « إنما بعثت معلما »
إن ما يخلق الإحباطات وخيبة الأمل هو الواقع المادي والإجتماعي الذي يعمل فيه المعلم. فهل
نقبل ان يكون المدرس هو المسؤول الوحيد عن الفشل الدراسي وفشل المدرسة وفشل
المشروع التربوي ؟؟؟
لننظر إلى الأمر بمنظار مكبر : المدرس ليس المسؤول عن تحديد فلسفة التعليم وأهدافه على
المدى البعيد أو المتوسط أو القصير. وليس مسؤولا عن إقرار البرامج و المناهج والكتب
المدرسية ، وأنواع المواد المفروضة تدريسها ،ولا عن المحتويات من حيث تحديدها وكمها
وترتيبها في مستوى معين أو في كل المستويات ومراحل لتعليم.
وليس مسؤولا عن التطبيقات وعددها وزمن إنجازها وما تتطلبه من وقت. وليس هو من
يرتب المواد المدرجة في اليوم الدراسي وفي الأسبوع سواء لدى المدرس أو لدى التلميذ .
وليس هو من يحدد الإستراحة اليومية أو العطلة الأسبوعية أو الدورية أو السنوية. وليس هو
من يتظم حجرة الدراسة من حيث جلوس التلاميذ بكيفية تتناسب مع التعليم الجمعي والطريقة
التقنية وكان من الواجب أن يتناسب جلوس التلاميذ مع نوعية النشاط المطبق….
إن المدرس ليس مسؤولا عن مواضيع ألامتحانات ومواقيتها وظروف إنجازها من حيث
المكان والزمان ، ولا من حيث تقويمها. بل إنه لا يتدخل حتى في عدد الأوراق التي يستطيع
تصحيحها، ولا في الزمن المناسب لتصحيحها .
ليس المدرس من ينظف القسم إذا أبدى المفتش ملاحظة عن نظافة القسم. وليس مسؤولا عن
ما يظهر على التلاميذ من عدم اهتمام أو عياء أو فتور أو كسل ، إذا كانت الحصة الأخيرة في
الصباح أو بعد الزوال . وليس مسؤولا عن مراقبة كل دفاتر التلاميذ ، وهل يدونون دروسهم
أم لا. لأن ذلك يتطلب إجهازا علي وقت التلميذ في الدراسة و التعلم .إن المدرس بصريح
العبارة لايمكن أن يقوم بشكل يومي وفي كل الحصص بدور الدركي الذي يبحث عن المخالفات.
كما أنه لا يحب أن يمارس عليه الآخرون دور الدركي الذي يفتش فقط عن عيوب المدرس
حتى الجسدية منها ………
فإذا كان بعض المدرسين قد أعطوا الانطباع لدى الرأي العام بالغش و الكسل و اللامبالاة
لانعدام الضمير المهني لديهم . فلا يعني ذلك أن كل المدرسين في سلة واحدة.
إن التعميم خطأ فادح في العلوم كلها ، إنه ضرب لمبدأ النسبية . إن هذا ينطبق علي المديرين
و المفتشين والتلاميذ أيضا.
إن المدرس وسيط بيداغوجي بين الكتاب المدرسي و التلميذ . وطبيعة المادة المدرسة تفرض
طريقة التعامل معها. وتفرض استعمال الوسائل والأدوات الخاصة بها .
فما ينبغي محاسبة المدرس عليه هو ما يدخل في جوهر اختصاصه كتواجده في العمل
والمواظبة عليه ، وأخلاقه ، والقيام بواجبه المهني ، وحسن تعامله مع تلامذته.
أما نتائج التعليم والتعلم فهناك عدة أطراف مسؤولة عنها. منها طبيعة المواد هل هي في
مستوي التلاميذ؟
هل عدد الدروس مناسب لأيام السنة الدراسية؟
هل تطبيقات التعلم لها غلاف زمني مناسب؟
المشكلة العظمى أننا لا نهتم إلا بإنهاء البرنامج الدراسي حتى وإن كان لا يساير إيقاع التعلم
عند التلميذ. مع العلم أن هذا يخلق تعثرات كبرى لدى نسبة لا يستهان بها من التلاميذ.
فلا نهتم هل وسائل التعليم ووسائل التعلم متوفرة بالقدر الكافي ؟
هل المواد المدرسة خاصة تلك التي تتطلب انتباها وتركيزا موجودة في الزمن المناسب للتلميذ
و المدرس ؟ هل عدد التلاميذ في حجرة الدراسة يسمح بتسهيل عملية التعليم والتعلم؟
هل يمكن للمدرس أن يقرر من ينجح في التلاميذ أم أن الخريطة المدرسية هي التي لها الكلمة
الفصل ؟؟؟؟
أن الخريطة المدرسية تسمح للتلاميذ الذين قد لا يحسنون القراءة والكتابة والإملاء والنقل
والحساب والتعبير الشفوي والكتابي بالانتقال والنجاح إلي المستوي الأعلى .
و يراكمون الثغرات في كل درس وفي كل سنة ، إلى أن يصلوا إلى مستوي دراسي يصبحون
فيه عاجزين عن مسايرة الدراسة وما تتطلبه من كفاءات ذهنية ومعرفية ، فينصرفون إلى
الفوضى والضجيج أو اللامبالاة كتعبير عن العجز على المسايرة.
خلاصة القول وخاتمته ، من السذاجة أن يكون المدرس وحده في قفص الإتهام . بل إن هذا
القفص يجب أن يتسع للجميع بما فيه المجتمع الذي لا يحترم المدرس ولا يقدره ولا يشجعه
ولا يعترف له إلا بالنقائص والعيوب………….
فالكل مسؤول في هذه الوضعية وله يد مساهمة فيها من قريب أو بعيد ، وبالقليل أو الكثير.
فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.هكذا علمنا من بعثه الله سبحانه معلما.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عكاشة أبو حفصة
    01/11/2012 at 21:34

    أستاذي الصايم نور الدين ، اسمح لي في البداية أن أشكركم جزيل الشكرعلى هذا الموضوع الشامل الذي تطرقتم فيه إلى مسألة حساسة وأرجوا أن يتفحصه السادة الأساتذة والإداريون وأتمنى منهم المشاركة وإبداء الرأي في التعليقات التي ستسيل الكثير من المداد باعتبار الموضوع يحمل في طياته تهمة موجهة للمدرس .
    أبدء من الآخر وأقول أنا أيضا: فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته هكذا علمنا المبعوث رحمة للعالمين . من الطبيعي أن توجه أصابيع الاتهام إلى بعض الأساتذة المخلين بالواجب، والذي يدركهم التلاميذ من خلال المدة الزمنية التي يقضيها التلاميذ داخل الفصل. هناك أساتذة يبدلون كامل الجهد داخل الفصل، من اجل التبليغ وإتقان العمل كمدرسين أشداء ، فلا يقبلوا بالجحود ونكران الجميل . وهناك أساتذة غفر الله لهم يقضون ما يزيد عن عشرين دقيقة ما بين النداء على التلاميذ وإخراج الأدوات من أصل ساعة ومنهم من ينهي عمله قبل دق الجرس. وهناك من يقضي أزيد من عشر دقائق في البحث عن القسم إضافة إلى النداء وتسجيل الغياب .وهذا هو الهذر بعين .
    إن الحديث عن العلاقة الاجتماعية ما بين المدرس والآباء وبين الادرة والآباء لم تعد كما كانت عليه من قبل فبعض الإداريين سامحهم الله لم تعد تربطهم بالآباء تلك العلاقة التي كان يأتي فيها الأب إلى المدرسة ويقل فيها للإدارة  » أنت اذبح واسلخ وأنا انمكد ولا ندفن ». أما المدارس الخاصة فعلاقتها مع الآباء تسير بمنطق الربح المادي والنفخ في النقط وبعد انتقال التلميذ من الخاص إلى العام تهوى النقط بشكل تراجيدي… أسال أين الخلل .؟هل في التلميذ أم المادة أم العمومي . نعم إن التلميذ المغربي لا يختلف عن أي تلميذ في العالم المتقدم أو المتخلف . فنحن لا نرث الغباء من أمهاتنا وتبقى المسؤولية في الفشل الدراسي مشترك ما بين الآباء و المدريس والمنظومة المتبعة . فالتلميذ المجتهد لا يحتاج لمن يوجهه بشكل يومي وآلي. بل هو من يجتهد في البحث عن المعلومة في المصادر والمراجع. ولا مجال عنده لتضييع الوقت في ما لا ينفع . فمراجعه بسيطة يوميا وانجاز الواجبات بشكل دقيق كفيلة بالذهاب به بعيدا . اتفق معكم أن المدرس ليس مسؤول عن كل ما تطرقتم إليه في هذه المقالة . كما انه ليس مسؤول على نظافة القسم وكان على المفتش أن يوجه ملاحظة النظافة إلى المسؤول الأول عن الإدارة… ولكنه مسؤول ويتحمل كامل المسؤولية عن مراقبة الدفاتر والكتابة بخط واضح وتدوين الدروس وإعطاء نقطة على ذلك ، حتى لا تبقى الدفاتر مهملة . رجعت بي أستاذي إلى أيام كان المدرس ياخد فيها الدفاتر إلى منزله من اجل المراقبة ومراسلة الوالي من اجل الاطلاع على الملاحظة و التوقيع .وكان بعض المدريس يقومون بذلك داخل المؤسسة وفي الساعة الفارغة . أما اليوم أصبح الشغل الشاغل هو إنهاء الحصة بأي طريقة من اجل التوجه على وجه السرعة إلى المدرسة الخاصة. وهذا هو عيب المدرسين الحاليين .نعم ليس كل المدرسين في سلة واحدة وبما انه لا يحب أن يمارس عليه دور الدركي فعليه أن يقوم بدوره على أكمل وجه .لماذا يقوم بذلك داخل المدارس الخاصة ولا يقوم به في المدارس العمومية؟ . لقد اهتدت بعض المدارس إلى وضع كاميرات للمراقبة داخل الفصل من اجل مراقبة المدرس والتلميذ على حد السواء. وأنا مع هذه المراقبة إذا أعطت نتيجة .أنا مع محاسبة المدرس فيما يتعلق بجوهر اختصاصاته المذكورة في المقال. وأسال من يقوم بهذه المراقبة الإدارة، المفتش أم الآباء وكيف تتم ؟ . يمكن تقسيم البرامج الدراسية في نظري الضيق ، إلى قسمين. قسم يدرس داخل الفصل وقسم يقدم كواجبات منزلية من اجل تقليص الضغط الممارس على المدرسين ومن اجل استكمال المقرر داخل السنة.
    اتفق معكم أستاذي أن للخريطة المدرسية دور في نجاح ورسوب التلاميذ ولو بأقل معدل للنقط .لقد غابت المجالس التي كانت تعقد في نهاية السنة والتي كان للمدرس الكلمة في نجاح أو رسوب التلميذ ولو كان حاصلا على المعدل. أما اليوم فأصبحت مجالس شكلية من اجل ضبط الخريطة لا غير.
    وختاما أقول أنا أيضا انه من السذاجة أن يكون المدرس وحده في قفص الاتهام. فلابد أن نظيف إليه الإدارة، الآباء ومن يسطرون البرامج… ومع ذلك لابد من توجيه اصابيع الاتهام إلى المدريس المخلين بالواجب والضميرالمهني وهمهم الوحيد هو جمع المال بأي طريقة كانت على حساب صحتهم وعلى حساب التلاميذ . شكرا لكم والسلام عليكم .

    – عكاشة أبو حفصة .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *