Home»International»خصوصيات معوقات  » الثورات  » فيما سمي بالربيع العربي

خصوصيات معوقات  » الثورات  » فيما سمي بالربيع العربي

0
Shares
PinterestGoogle+

تراكمت عبر التاريخ البشري تجارب عديدة لثورات اجتماعية وسياسية استفادت منها شعوب كثيرة وتمكن خبراء العلوم السياسية ،والسوسيولوجيا السياسية ، والاقتصاد السياسي من استخلاص الكثير من الخبرات الثورية والقوانين الاجتماعية التي تتكرر في كل الثورات والتغيرات السياسية والاقتصادية وأصبحت هذه القوانين والتغيرات كمرجعيات تستفيد منها البشرية عند القيام بالتغيير او الثورة .
ومن بين الدروس المستخلصة من الثورات والتغيرات السابقة هو اتجاه القوى السياسية نحو تجاوز الخلافات العميقة التي تعرقل التغيير او الثورة بتشكيل كتلة قوية تقود الحركة الثورية إلى مرحلة الاستقرار بأسرع وقت ممكن لوضع القطار فوق السكة كما يقال ووهنا يمكن الاسترشاد بثورات البرجوازية في اروبا والولايات المتحدة خلال القرن 19 م وثورات روسيا والصين وكوبا قي القرن 20 والتغيير الديمقراطي في السنين الأخيرة في البرازيل وفنزويلا .
فالثورة والتغيير يولدان التاريخ بشرط أن تكون الأهداف مركزة نحو التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، أما إذا كان الشغل الشاغل هو العنف والوصول للسلطة فإن الأمر يصبح فتنة تهدد المجتمع بكامله دون توقف ويصبح العداء مرضا عقليا ونفسيا مستمرا بين الاحزاب السياسية لهذا تعتبر الاستفادة من تاريخ الثورات والتغيرات السابقة للبشرية عملية أساسية في هذه المراحل الصعبة والخطيرة .
وإذا تتبعنا الأحداث التي مربها الربيع العربي يبدو أن الخلافات بين الاحزاب السياسية لازالت عميقة جدا في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا وهي الدول التي عاشت مرحلة الجمهوريات الانقلابية ووصل فيها العنف الدموي إلى درجة وحشية لم تستفد الاحزاب السياسية من تجارب الثورات السابقة ولا تجعل التنمية الاقتصادية كهدف يجمع الاحزاب السياسية المتقاربة ولو كمرحلة من المراحل الأولى للتغيير في إطار الانتخابات التي جرت في تونس ومصر وليبيا والعراق بل ، لاحظنا أن بعض الحساسيات السياسية والدينية لازالت تهدد باستمرار الثورة والدعوة إلى المزيد من العنف الدموي كما دعا إلى ذلك زعيم القاعدة مؤخرا الظواهري .
وهذا الوضع الشائك لمجريات الأحداث واستمرار العنف والمشادات التافهة والبعيدة عن حس سياسي وبعد اقتصادي يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية :
1 – لماذا لم تتمكن القوات السياسية في تونس ومصر وليبيا وسوريا من إنشاء حكومة ائتلاف وطني اعتمادا على التجارب العديدة التي عرفها تاريخ البشرية ؟؟ ( تجربتا حكومة اليوسفي وبن كيران في المغرب مثلا ) .
2 – ألـــــم تكن هذه الأحزاب السياسية تتوفر على برامج سياسية واقتصادية بديلة قبل اندلاع الثورات في هذه البلدان العربية استعدادا للمستقبل ؟؟
3 – لماذا لم ينضبط الثوار لقيادة الثورات بعد إسقاط الأنظمة وإجراء الانتخابات احتراما لبناء نظام جديد يعطي المثال والقدوة في الانضباط ؟؟؟
ركزنا على هذه الأسئلة فقط لنفهم خصوصية معوقات التغيير في المجتمعات العربية والإسلامية وفي اعتقادي أن أبرز هذه المعوقات التي استخلصتها من التاريخ العربي الإسلامي والأحداث الجارية الآن تبدو كما يلي :
1 – لازالت العصبية القبلية مستمرة في المجتمع العربي إذ بدا واضحا في اليمن وليبيا وتونس وسوريا بالخصوص حيث تظهر تهديدات بالثورة الجديدة والمستمرة .
2 – انتشا ر الأمية بنسب عالية سهل إشعال الفتن والتمرد بكل سهولة خاصة توظيف حثالة المجتمعات المعروفة بالبلطجية ، وظهور الإنفلاتات الأمنية بسهولة وسط هذه الشرائح الاجتماعية حيث تكثر الامية والجهل .
3 – استمرار النزعات الإقليمية في المجتمعات العربية المرتبطة بالقبلية …
4 – انحصار تأثير الأحزاب اليسارية في المجتمعات العربية بسبب اليأس الذي أصابها من انتشار الامية والجهل بشكل ممنهج لتعطيل التغيير أو الثورة ، وبسب انهيار بعض مناضليها أمام الإغراءات والمصالح الشخصية .
5 – أصبحت الخلافات بين المذاهب الإسلامية تشكل صراعا أساسيا بين قيادات دينية داخل البلد الواحد تغذيه أيادي خارجية وأصبحنا نلاحظ مجتمع قريش جديد طرف فيه يحارب الكفار كوهم وتحمس لذلك متفيقهون لم يطلعوا حتى على أبسط مبادئ علم أصول الفقه . وانضم إليهم الأميون وكان في النهاية استمرار العنف الدموي في تونس ومصر وليبيا في الشهور الاخيرة فتعثرت مناقشة الدساتير .
الخلاصة :
بدا واضحا أن الخلافات الثانوية بين قيادات التغيير في البلدان المذكورة أعلاه ظلت أساسية مما عرقل التقدم إلى الامام نحو الهدف التاريخي وهو التنمية الاقتصادية التي تنتظرها المجتمعات العربية ودخلت الحساسيات السياسية ذات التوجه الديني في تيار هذا الصراع مجرورة دون إدراك لطبيعة الصراع الطبقي في هذه المجتمعات مما زاد من مبدأ العنف من اجل العنف فقط وربما سيولد تاريخا مشوها .

علي سحماوي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *